أُسدل الستار على بطولة كأس العالم قطر 2022 بفوز المنتخب الأرجنتيني على نظيره الفرنسي بضربات الترجيح، في مباراة تعد أحد أفضل النهائيات على الإطلاق، شهدت تألق نجم راقصي التانجو، ليونيل ميسي، ونجم المنتخب الفرنسي، كيليان مبابي.
وتقدم المنتخب الأرجنتيني بهدفين في الشوط الأول من المباراة، إلا أن المنتخب الفرنسي استطاع العودة في الشوط الثاني. وتكرر السيناريو بتقديم ميسي ورفاقه بهدفهم الثالث في الوقت الإضافي، قبل أن يدرك مبابي التعادل للمنتخب الفرنسي.
وتمكن ميسي من الفوز بكأس العالم للمرة الأولى في تاريخه. وتعد مشاركة ميسي، في قطر 2022، الخامسة له في منافسات بطولة كأس العالم.
ويرى محبو النجم الأرجنتيني أن فوزه وحمله لكأس العالم جاء تتويجا لمسيرة كروية حافلة للاعب مميز، أمتع محبي الساحرة المستديرة حول العالم.
وعاش عشاق كرة الكرة 29 يوما من المتعة الكروية شهدت الكثير من الأحداث، التي ستبقى عالقة في أذهان من تابعوا منافسات البطولة.
ووصف رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، جياني إنفانتينو، البطولة بأنها “أفضل كأس عالم في التاريخ”.
وأوضح إنفانتينو أن “الإيرادات المالية للنسخة الحالية بلغت 7 مليارات ونصف المليار دولار، بزيادة قدرها مليار دولار عن النسخة السابقة في مونديال روسيا 2018”.
وتشير أرقام (فيفا) إلى أن عدد من تابعوا مباريات كأس العالم قطر 2022، عبر شاشات التلفاز والوسائط الرقمية، بلغ نحو 5 مليار مشاهد.
ويتوقع مسؤولو (فيفا) أن يصل عدد متابعي المباراة النهائية إلى نحو مليار ونصف المليار مشاهد حول العالم.
وإن صحت هذه التقديرات فإن عدد مشاهدي المباراة الختامية في مونديال قطر 2022 سيتجاوز عدد مشاهدي نهائي كأس العالم روسيا 2018، بين فرنسا وكرواتيا، والذي وصل عدد متابعيه إلى نحو 1.12 مليار مشاهد حول العالم.
قطر تستضيف أول نسخة عربية من البطولة
وتمكنت قطر من استضافة أول نسخة عربية من المونديال. وللتغلب على درجات الحرارة المرتفعة، في منطقة الخليج خلال شهور الصيف، لجأ الاتحاد الدولي إلى تنظيم البطولة خلال شهور الشتاء، وبهذا تكون النسخة القطرية أول نسخة شتوية من المونديال.
وذكرت بعض المصادر أن استضافة كأس العالم كلفت قطر نحو 220 مليار دولار، أي ما يعادل نحو 60 ضعف الميزانية التي أنفقتها دولة جنوب إفريقيا على كأس العالم 2010.
وأُنفقت معظم هذه الأموال على إنشاء بنية تحتية، مثل شبكة جديدة للمترو في الدوحة ومطار دولي وطرق جديدة، فضلا عن بناء نحو 100 فندق ومرافق ترفيهية.
كما أنشأت قطر سبعة ملاعب جديدة بتكلفة تصل إلى 6.5 مليار دولار. وعكس تصميم الملاعب الثقافة العربية الخليجية.
وقبل كأس العالم قطر 2022 ، كان مونديال البرازيل 2014 هو الأعلى من حيث التكلفة بـ 15.5 مليار دولار، ثم مونديال روسيا 2018 بـ 11.4 مليار دولار.
أداء مبهر للمنتخب المغربي
فاجأ المنتخب المغربي العالم بنجاحه في الوصل إلى دور نصف النهائي من البطولة، كأول فريق عربي وإفريقي ينجح في الوصل إلى هذه المرحلة منذ انطلاق البطولة عام 1930.
وتمكن المنتخب المغربي من تصدر مجموعته بفوزين على المنتخب البلجيكي والمنتخب الكندي وتعادل مع المنتخب الكرواتي، ثم تمكن “أسود الأطلس” من إزاحة المنتخب الإسباني في دور 16، ثم الإطاحة برفاق رونالدو في دور ربع النهائي، إلا أنهم اصطدموا بالمنتخب الفرنسي، حامل لقب كأس العالم في نسخة 2018، والذي تمكن من إنهاء مسيرة “أسود الأطلس” عند الدور نصف النهائي.
وضم المنتخب المغربي في صفوفه عددا كبيرا من اللاعبين المحترفين، من أبرزهم أشرف حكيمي، لاعب نادي باريس سان جيرمان الفرنسي، ونصير مزراوي، لاعب بايرن ميونخ الألماني، وسفيان أمرابط، لاعب فيورنتينا الإيطالي، وحكيم زياش، لاعب تشيلسي الإنجليزي، وغيرهم.
ولعل الخبرات الكبيرة التي يتمتع بها اللاعبون المغاربة مكنتهم من اللاعب بندية كبيرة أمام نجوم بلجيكا وإسبانيا والبرتغال وفرنسا وكرواتيا.
كذلك تمكن مدربهم الوطني، وليد الركراكي، من خلق نظام لعب قوى لم تتمكن غالبية الفرق من اختراقه، كذلك خلق روح تجانس بين أعضاء الفريق.
وأدى الأداء المتميز للمنتخب المغربي إلى التفاف عربي جماهيري تمتع بها “أسود الأطلس” خلال البطولة.
وبالمجمل، أدت المنتخبات العربية بشكل مقبول، ولعله من الملاحظ أن الفريقين اللذين تمكنا من الوصول إلى المباراة النهائية تلقى كل منهما هزيمة من منتخب عربي.
إذ تمكن المنتخب السعودي من مفاجأة العالم بهزيمة ميسي ورفاقه في دور المجموعات بنتيجة هدفين مقابل هدف واحد، كما تمكن المنتخب التونسي من هزيمة المنتخب الفرنسي بهدف مقابل لا شيء في دور المجموعات.
خروج بعض الفرق الكبيرة من دور المجموعات
وشهدت بطولة كأس العالم 2022 الكثير من المفاجآت، كان أبرزها خروج فرق كبيرة كانت مرشحة للفوز بالبطولة من الدور الأول، ولعل أبرز المنتخبات التي لم تتمكن من تجاوز دور المجموعات، المنتخب الألماني الذي توج سابقا بالبطولة في أربع نسخ منها، كان آخرها عام 2014.
ويرى البعض أن انشغال المنتخب الألماني بأشياء غير كرة القدم كانت السبب وراء هذا الخروج المبكر.
كذلك كان لافتا الأداء الباهت للمنتخب البلجيكي وخروجه أيضا من دور المجموعات، رغم أنه كان أحد الفرق المرشحة للفوز بالبطولة.
وقدمت فرق أسيوية وإفريقية مباريات كبيرة أمام منتخبات عريقة، ولعل أبرز هذه المنتخبات، المنتخب الياباني الذي تمكن من هزيمة المنتخبين الألماني بهدفين مقابل هدف واحد والإسباني بالنتيجة نفسها.
كذلك المنتخب الكاميروني الذي استطاع هزيمة المنتخب البرازيلي، حاصل على لقب كأس العالم 6 مرات، بنتيجة هدف واحد مقابل لا شيء.
كأس عالم دون شغب وأكثر ملاءمة للأسر والمرأة
وتميز كأس العالم قطر 2022 بعدم تسجيل حالات شغب ومواجهات جماهيرية مقارنة بكؤوس عالم ومسابقات أوروبية سابقة شهدت الكثير من حالات العنف بين مشجعي الفرق المتنافسة.
وقال المدير العام لمشروع “ستاديا” بالمنظمة الدولية للشرطة الجنائية (الإنتربول)، فلاح عبد الله الدوسري، إن “قطر نجحت في تنظيم نسخة من بطولة كأس العالم، هي الأكثر أمانا، في تاريخ المونديال”.
ونقلت وسائل إعلام شهادات عن بعض المشجعات، بشعورهن بالارتياح أثناء حضورهن المباريات وعدم تعرضهن لمضايقات. كما أظهرت الكثير من الصور حضور عائلات بأكملها لمشاهدة المباريات.
وطبقا لتجارب مشجعات إنجليزيات، فإن منع السلطات القطرية للمشروبات الكحولية داخل الملاعب “ساعد في أن تكون الأجواء أكثر ملاءمة للنساء والأسر”.
وشاهد الملايين احتفال لاعبي المنتخب المغربي بالفوز مع والداتهم وعائلاتهم بعد انتهاء المباريات. كذلك احتفل لاعبو المنتخب الأرجنتيني، برفقة أسرهم، بالفوز بالبطولة.
وتعد قطر أول دولة عربية وشرق أوسطية تستضيف المونديال. ومنح كأس العالم 2022 فرصة لجماهير كرة القدم حول العالم للتعرف على الثقافة العربية من خلال الاحتكاك المباشر.